• ٥ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

منزلة الصلاة وأهميتها في المجتمع

منزلة الصلاة وأهميتها في المجتمع

 ◄حظيت الصلاة في هذا الدين بمكانة عظيمة ومنزلة رفيعة لا تعدلها أية عبادة أخرى، فهي دعامته وركنه وشعيرته ومظهره الخالد وآيته الباقية، والصلاة عماد الدين، وأوّل ما يسألنا عنه ربّ العالمين، فهي مفتاح الحساب، والواقية من العذاب، في الدنيا وتحت التراب، ويوم القيامة حين يقوم الحساب ويقوم الجزاء والعقاب، وهي بعد راحة للبدن وراحة للبال، وهذا ما نستشفه من خلال الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الورادة عن أهل بيت العصمة عليهم الصلاة والسلام:

 

    1- المكان الذي فُرضت فيه:

    هي تلك العبادة التي عندما أراد الله فرضها لم يُرسل ذلك مع جبريل (ع) ككلّ الفرائض الأخرى، ولكنه أسرى بنبيه الأكرم ورسوله الأعظم (ص) إلى بيت المقدس ثم عرج به إلى السموات العلى وخاطبه سبحانه، في ذلك المقام الشريف، وفوق تلك السموات فُرضت هذه الشعيرةُ العظيمة التي اختصها الله من بين سائر شرائع الإسلام بذلك حيث إنّ المصطفى تلقّى الأمر بها من الله تعالى مباشرة، فأيّ مكانة ومنزل تلك؟! وأيّ شأن ذاك لهذه الصلاة؟! ولا غرابة حينئذ أن يقول عنها خاتم الأنبياء (ص): "إنّ اللهَ جعلَ قُرّة عَيني في الصّلاة".

 

    2- رأس مال المسلم وعروة الإسلام:

    الصلاة دعامة لجميع الشرائع السماوية، فهي أقدم عبادة، ولأنّها من مستلزمات الإيمان لم تخلُ منها شريعة من الشرائع من الشرائع، ولم تنسخ فيما نُسخ منها؛ إذ لا خيرَ في دين لا صلاةَ فيه، ولأهمية الصلاة وكبير مكانتها في الإسلام جعلها الله حدّاً فاصلاً بين الكفر والإسلام، فقال جلّ شأنه: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (التوبة/ 11).

 

    3- أحبّ الأعمال إلى الله تعالى:

    قال مولانا الإمام الصادق (ع)قال أمير المؤمنين (ع): "ليس عمل أحبّ إلى الله عزّوجلّ من الصّلاة، فلا يشتغلنّكم عن أوقاتها شيء من أمور الدنيا، فإنّ الله عزّوجلّ ذمّ أقواماً، فقال: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) (الماعون/ 5) يعني أنّهم غافلون استهانوا بأوقاتها".

    يُشير حديث الإمام (ع)  إلى موقعيّة الصّلاة، وأنّها أحبّ الأعمال إلى الله عزّوجلّ،فمن أراد رضا الحبيب حافظ على صلاته ولم ينشغل عن لقاء الله عزّوجلّ بالأمور المادّية والدنيوية.

 

    4- أفضل وسيلة لذكر الله تعالى:

    يُشير الله سبحانه في الآية الكريمة: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (طه/ 14) إلى واحدة من أهم أسرار الصّلاة، وهي أنّ الإنسان يحتاج في حياته في هذا العالم، إلى عمل يُذكِّره بالله والقيامة ودعوة الأنبياء وهدف الخلق في فترات زمنية مختلفة، كي يحفظه من الغرق في دوّامة الغفلة والجهل، وتقوم الصلاة بهذا الوظيفة المهمّة.

    فمع توزّع الصلوات الواجبة على أوقات اليوم المختلفة فإنّ العبد يغسل بها غبار الغفلة الذي استقرّ على قلبه. ومن هنا يقول الله سبحانه لنبيّه موسى (ع) في أوّل الأوامر في بداية  الوحي: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (طه/ 14)، وفي آيات أخرى نقرأ: (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد/ 28) و(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) (الفجر/ 27-30).

    فإذا جعلنا هذه الآيات الثلاث جنباً إلى جنب فسنفهم جيّداً أنّ الصّلاة تُذكِّر الإنسان بالله، وذكر الله يجعل نفسه مطمئنّة، ونفسه المطمئنّة ستوصله إلى مقام العباد المخلصين والجنّة الخالدة.

 

    5- أفضل وسيلة لمواجهة الشدائد:

 

    كان الأنبياء (عليهم السلام) يفزعون إلى الصّلاة عند الشدائد والمكائد، وقد أمر الله نبيّه الخاتم (ص) بالصبر والمحافظة على الصّلاة: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (الحجر/ 97-98).

    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة/ 153)، ويقول عزّ من قائل: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة/ 45-46)، الأمر الإلهي بالاستعانة بالصبر والصّلاة خير دليل على أهمية وموقعيّة الصّلاة في مواجهة الشدائد والتغلّب عليها.

 

    6- خير الأعمال وأفضلها:

    تُعتبر الصّلاة أفضل الفرائض، وخير الأعمال التي تُثقل الميزان يوم القيامة فقد روى مولانا الإمام جعفر بن محمد الصادق عن آبائه الكرام، عن عليّ (عليهم السلام) قال: "قال رسول الله (ص): "نَجُّوا أنفُسَكُم اعمَلُوا وخَيرُ أعمَالكمُ الصّلاة"، وروى جدّه الإمام الصادق عن آبائه الكرام، عن عليّ (عليهم السلام) قال: "قال رسول الله (ص): الصّلاةُ مِيزانُ أُمّتي مَن وَفَّى استَوفَى".►

 

  المصدر: كتاب بغير حساب (سلسة الحياة الطيبة)

ارسال التعليق

Top